ماذا أكتب ؟
عندما تتضخم بالحزن حد الانفجار .. فتنزف حزنك فوق الورقة .. ثم يصدر الحكم بإعدام الورقة ، بكل ما تحويه من مشاعر و أحزان وأحاسيس .. عندها ماذا عساك أن تكتب ؟
ماذا أكتب لكم ؟
هل أكتب لكم عن الحب و أحدثكم عن الورد الأحمر وعن أشواق العشاق وقصائد الشعر وجنون الشوق و أحيطكم بسياج الخديعة و أصف لكم رائحة الورد الأحمر و أتجاهل الدم العربي المسفوك .. و أرسم لكم مدينة فاضلة وأسرد عليكم حكايات الحب والسلام في زمن الحرب والدمار ؟؟
هل أكتب لكم عن الفرح وأصف لكم طعم السعادة و أتجول معكم بين السطور ضاحك .. و أضحك بأعلى صوتي كالمجانين وأتغلب على رغبة البكاء و أتجاهل وجود هذا الكم المخيف من الحزن حولي وداخلي ؟
هل ستغفر لي أحزانكم إن تحدثت عن الفرح في حضرتها ؟؟
هل سيغفر لي حزني مصافحة الفرح في حضوره ؟؟
هل أكتب لكم عن الأمل ؟
وماذا تبقى من مساحات الأمل فينا بعد أن رأيناه يختنق بدخان اليأس ويموت غرقا ً في بحور الترقب والخوف و يلفظ آخر أنفاسه تحت جدران المستحيل و عبثا ً نحاول أن نتمسك بملابسه المهترئة ؟
هل أكتب لكم عن الكبرياء ؟
ذلك الإحساس الرائع بالشموخ ذلك الجدار الذي زلزل حتى كاد ينهار .. وربما انهار !
وخلف وراءه في أعماقنا إحساسا ً بالهزيمة .. وإحساسا ً بالغبن .. وإحساسا ً بالوهن .. و إحساسا ً بالانكسار
هل أكتب لكم عن أحلامي ؟
كانت لي ذات يوم أحلام جميلة كعصافير الحب النقية لونها أبيض .. ثوبها أخضر ... لكنها لفظت أنفاسها تحت رحى الواقع .. وما أقسى رحى الواقع .. حين تدور .. وتدور .. وتدور
وتطحن أجمل أحلامنا ! .......... ولا يتبقى منها سوى الفتات
هل أكتب لكم عن الكرامة العربية ؟
التي خرجت ولم تعد .. وطال بحثنا عنها .. وطال انتظارنا لها .. ويقال إنها .. هناك
خطفت ..وهتكت .. وقتلت .. ودفنت تحت الأنقاض .... !
هل أكتب لكم عن العمر ؟
و أين العمر الجميل ؟ ... أين دقائقه ؟ .. أين سويعاته ؟ ... أيــــــن هم ؟؟
أولئك الذين كان لا يمضي الوقت ولا يكتمل العمر إلا بهم ..
وإذا كان العمر يقاس بلحظاته الجميلة .. فماذا تبقى من عمرنا في زمن الخوف والرعب والحرب ؟؟
هل أكتب لكم عن الحنين ؟؟
مات الحنين إليهم منذ زمن .. مات فوق قارعة الغياب .. تاه بين طرقات الانتظار .. كان في ليلة يسافر كالغريب إليهم .. يبحث عن وطن و يعود منهم كالغريب .. !
ماذا أكتب لكم ؟
لا شيء لدي يكتب .. وعبثا ً أحاول أن أملأ المساحات
لكن تبقى مساحات الحزن أكبر
يبقى الذهول أعظم ...
,
,
,
عذراً فلسطين !!!
عذراً فإن سيوف القوم قد صدئت
وخيـلهم لم تعد تسـتمرئ التعـبـا
عـذراً فإن السيوف اليوم واسفاً
تخالها العين في اغمادها حطبا
عـذراً فإن عتاق الخيل منهكة
قد اورثتها سياط الغاصب الوصبا
عـذراً فلســطـين إن الـذل قيـدنا
فـكيف نبقي عليك الدر والذهبا
عـذراً فذا الدر يشوى خلف والده
بنار صهيون لا يدري لها سبب
عـذراً فذا طفلكم يشكو فجيعته
فلم يجد بيننا امٌ له وابا
عذراً فقومك قد ماتت شهامتهم
وثلّم الذل منهم صارم عطبا
واحسرتاه على الأقصى يدنسه
قرداً ويهتز في ساحاته طربا
قد كان في ما مضى عزاً فوا كبدي
اضحى اسيراً رهـين القيد مغتصبا
كأنه لم يكن مسـرى الرسول ولم
يصـلي فيه يـؤم الصـفوة النجبا
كأنه ما اتى الفاروق يعتقه
يوماً و ما وطئت اقدامه النقبا
كأنه لم يؤذن للصلاة به
بلال يوماً ففاض الدمع منسكبا
كأنما الأرض قد اخفت معالمهم
ومزقت ما حوو من عزة اربا
لهفي على القدس كم جاس الضلوم بها
وكم تقاسي صروف الدهر والنوب
تعيث فيها اليهود الغتم مفسدة
وتزرع الشر و الإرهاب و الشغب
يستأسد القرد فيها بعد خسته
ويرفع الهامة الخنزير مغتصبا
كم اشعلوا نارهم فيها و كم هدموا
من منزل و اهانوا والدا حدب
وكم اسالوا دموع المؤمنات ضحى
وكم ضلوم بغى او غاصب غصب
وكم اداروا كؤوس الموت مترعة
فأيتموا طفلة او شردوا عزبا
صبرا فما اسود من ذا الليل جانبه
الا ليؤذن ان الفجر قد قرب
إن استضاء بنار الحرب جمعهم
فعن قليل سيغشى جمعنا اللهبا
لن نستكين ولن نرضى بها بدل
غداً نرد اذآن الحق والسلبا
غداً نعيد فلسطين التي عهدت
من قبل خمسين عاماً دوحة وربى
غداً نعيد لها التكبير تسمعه
اذن الدنا ونعيد الفقه والأدبَ
غداً نعيد لها الزيتون نغرسه
غرساً ونزرع فيها التين والعنب
غداً سنقلع منها كل غرقدة
ونظرب الهام كيما نقطع الصخب
فشكرا ً لكل من وصل بالقراءة إلى هنا ..
,,,
,,
,
... تحــياتي ,, وتــقديري ...
....